يوم عاشوراء: الصحيح والخطأ
يوم عاشوراء ؟
يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم وهو ليس عيدا يُحتفل به وليس عطلةً يُستراح فيها (باستتناء بعض الدول مثل باكستان، الهند، لبنان، إيران، البحرين والعراق)، إنما هو يوم يستحب صيامه مع يوم قبله أو بعده.
كما لا يجب اعتباره يوما لتضييع الماء والبيض في معارك مع المارة أو بين الأطفال والشباب… فهذا إسراف وعبث وليس من شيم المسلمين. عاشوراء ليس مثل يوم “هالوين” في الغرب…
عاشوراء هو يوم من أيام الشهر الحرام، ومعلوم أن الأشهر الحرم لها مكانة عند الله والعمل فيها لا يستوي مع العمل في غيرها من الأيام. فالحسنة إذن مضاعفة، والذنب كذلك !
فلتحرصوا كل الحرص على استغلال هذه الفرصة الثمينة في ادخار أعمال البر ليوم تشخص فيه الأبصار، ليوم يندم فيه كل الناس، يندم فيه من عمل سوءا ويتمنى لو أنه لم يعمل ذلك أو يتمنى لو يعود إلى الدنيا فيحسن العمل، كما يندم فاعل الخير لأنه لم يُكثر العمل ليبلغ أرقى الدرجات وأعلى المراتب عند الله.
لماذا نصوم يوم عاشوراء
ليس من الواجب صيام هذا اليوم، ولكنه مُستحب لمن شاء أن يصومَه ويُحرِزَ فضلَ الصيامِ ويفُوزَ بتكفير سنة كما جاء في الأحاديث.
في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه.
قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : { صوم يوم عاشوراء يكفر سنة وصوم يوم عرفة يكفر سنتين } . ولما كان آخر عمره صلى الله عليه وسلم وبلغه أن اليهود يتخذونه عيدا قال : { لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر }
الصحيح والخطأ مما يقوم به الناس في عاشوراء
تختلف صور عاشوراء من بلاد إلى أخرى ومن عقيدة إلى أخرى اختلافا كبيرا ومتباينا يدل في الغالب على زيغ طوائف متعددة. كما ذكرنا سابقا، يوم عاشوراء يوم كسائر الأيام ليس عيدا وليس مناسبة سارة وليس مناسبة حزينة. إلا أن الناس انقسموا إلى أقسام متضادة، فمنهم من يحزن ويبالغ في الحزن ومنهم من يفرح ويبالغ في الفرح. فما الذي يتوجب على المرء فعله في هذا اليوم ؟
يوم صوم عادي
الصحيح أن يوم عاشوراء يوم ليس له من الفضل ما يُفضل به على غيره سوى أجر الصيام فيه، ولو كانت هناك طريقة أفضل تليق به لفعلها أفضل الناس عليه الصلاة والسلام وقد فعلها وهي صومه. ولما علم بأن اليهود يصومونه أكد على صيام يوم قبله لكي يخالفهم. فهذا هو عين الصواب وهذا ما يجب أن يفعله العاقل. وكل من فعل غير ذلك فقد انحرف عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. صيام يوم عاشوراء ليس واجبا ولكنه أفضل ما يمكن فعله.
إظهار الحزن أو عاشوراء الشيعة
عاشوراء عند الشيعة أو كما يسميه بعضهم عاشوراء الامام الحسين هو يوم حزن حيث يقوم القائم منهم يلطم ويقطع الثياب ويضرب لحمه بالأيدي والسيوف وغير ذلك من مظاهر الغلو في الحزن بدعوى الحزن على مقتل الحسين رضي الله عنه في مثل هذا اليوم. ولهم كذلك أشعار وقصائد وأدعية حزينة مثل ما يسمونه زيارة عاشوراء، وفيها كثير من اللعن والسب لأعدائهم. هذا حال طوائف من الشيعة. وهو أمر لا شك في أنه ضلال وبُعد عن الإسلام وإسائة إلى أهله. فلو فهم هؤلاء معنى الإسلام وكانوا حقا حزينين لموت الحسين لفعلوا ما يفعله المؤمنون عند حلول مصيبة بهم: الإسترجاع، إذ يقول الله عز وجل: { وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } ولم يقل الذين إذا أصابتهم مصيبة أظهروا الحزن ولطموا الخدود وشقوا الجيوب!
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية } وقال : { أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة } وقال : { النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب } . وفي المسند عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ما من رجل يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم أصيب بها } .
الفرح الشديد
في المقابل هناك من الناس من يحتفل بهذا اليوم ويعد الأكل خصوصا لهذا اليوم، ويبدي فرحه بالباس الجديد والكحل والزينة… وكل ذلك من الإنحراف عن الدين.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور . فإن كل بدعة ضلالة }
في بعض المناطق في المغرب يسمى عاشوراء بيوم زمزم ويقومون فيه برش الماء على بعضهم البعض أو على مشترياتهم… وآخرون يشعلون النار (الشعالة) في ليلة عاشوراء (يوم التاسع) ويقفزون من فوقها مع ترديد أغاني متنوعة فقدت معانيها المتعلقة بهذا اليوم والتي قد يتبين للبيب فيها عن انحراف عقائدي رغم ما يدعو إليه الناس من الحفاظ عليها باعتبار أنها من الثراث أوالعادات والتقاليد.
كل ذلك ما أنزل الله به من سلطان وما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فعله الخلفاء الراشدون والصحابة ولا التابعون.
ولا داعي لذكر أشياء أخرى وطقوس وأعمال شيطانية يقوم بها أهل الشر وخبيثي النفوس في ليلة عاشوراء أو مثيلاتها.
فلتكن من أعقل الناس ولا تسمح لنفسك أن تنساق وراء الضالين، فإنْ تَتَّبِعْ أكثرَ مَنْ في الأرضِ يُضِلُّوك، فأتَّبِع سُنَّةَ خيرِ الناس وأحْكَمهم وخاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم.